نشر موقع “بوليتكس توداي” الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن المناورات البحرية الإيرانية العربية المشتركة التي تدل على التحوّل الجيوسياسي المهم الذي يشهده الشرق الأوسط.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته “عربي21″، إن هناك مناقشات بشأن إنشاء قوة بحرية مشتركة تضم إيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان. والهدف الأساسي لهذا التحالف ضمان سلامة الملاحة في الخليج العربي الذي يكتسي أهمية استراتيجية. وقد شاركت الصين بنشاط في التوسط في المحادثات بين طهران والرياض وأبوظبي.
في الثالث من حزيران/ يونيو، صرح قائد البحرية الإيرانية الأدميرال شهرام إيراني بأن عدة دول إقليمية، بما في ذلك إيران والمملكة العربية السعودية، ستكوّن تحالفًا بحريًا جديدًا في الأجزاء الشمالية من المحيط الهندي.
وخلال برنامج تلفزيوني، صرح قائد البحرية الإيرانية بأن جميع الدول الساحلية تقريبًا في الأجزاء الشمالية من المحيط الهندي على استعداد لدعم إيران والتعاون بشكل جماعي لضمان الأمن. وأضاف أنه في الوقت الذي أجرت فيه إيران وسلطنة عمان العديد من المناورات البحرية المشتركة في الماضي، فإن دولًا أخرى مثل السعودية والإمارات وقطر والبحرين والعراق وباكستان والهند حريصة أيضًا على الانخراط في تعاون بحري مشترك.
وزعم شهرام إيراني أن الوجود “الغاشم” للقوى الأجنبية في المنطقة سينتهي قريبًا، وأن دول المنطقة ستتحمل مسؤولية حمايتها. ولم يقدم الإيرانيون تفاصيل محددة حول هذا التطور، ولم ترد أي تصريحات من الدول التي يُزعم أنها مشاركة في تشكيل هذا التحالف.
وذكر الموقع أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ ون بين، أعلن في السادس من حزيران/ يونيو، أن بكين تؤيّد مفهوم القوة البحرية المشتركة التي تتألف من إيران والسعودية والإمارات ودول إقليمية أخرى. وخلال مؤتمر صحفي، صرح ون بين بأن الحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة الخليج العربي بالشرق الأوسط أمر حاسم لازدهار دول المنطقة وشعوبها، ويلعب دورًا حيويًا في السلام العالمي، ودفع عجلة النمو الاقتصادي العالمي، وضمان إمدادات الطاقة المستدامة. وسلط ون بين الضوء على التزام الصين بلعب دور إيجابي وبنّاء في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
هل يمثل التحالف ردا على حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط؟
وفقًا لإذاعة “برس تي في” الإيرانية الحكومية، يُنظر إلى اقتراح إنشاء تحالف بحري إقليمي على أنه ردّ على الاقتراحات الأمريكية والإسرائيلية التي قدمت السنة الماضية لإنشاء حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط. وانتقد القائد تيم هوكينز، المتحدث باسم الأسطول الأمريكي الخامس والقوات البحرية المشتركة، ادعاء إيران تشكيل تحالف أمني بحري مشيرًا إلى أن إيران هي السبب الرئيسي لعدم الاستقرار الإقليمي ولا يمكنها ادعاء حماية المياه التي تهددها.
وذكر هوكينز أن إيران هاجمت أو استولت على 15 سفينة تجارية ترفع علمًا دوليًا في السنتين الماضيتين، وأكد أن الولايات المتحدة تعزز دفاعاتها حول مضيق هرمز مع شركائها.
وأشار الموقع إلى أن حكومة الإمارات العربية المتحدة أعلنت انسحابها من القوات البحرية المشتركة في 31 أيار/ مايو، معربة عن خيبة أملها إزاء عدم استجابة الجيش الأمريكي الملحوظ للرد على استيلاء إيران على ناقلات تجارية في نيسان/ أبريل وأيار/ مايو.
ومع أن المسؤولين الإماراتيين نفوا أن انسحابهم من القوات البحرية المشتركة كان نتيجة مباشرة لتقاعس الولايات المتحدة عن مكافحة الأنشطة البحرية الإيرانية، إلا أن المكالمة الهاتفية التي دارت بين مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، ونظيره الأمريكي جيك سوليفان، تشير إلى عدم اليقين والتوتر بشأن مسار العمل في غياب الضمانات الأمنية الأمريكية.
حسب الموقع، أدت خيبة أمل أبوظبي من الالتزامات الأمريكية الضعيفة إلى تحول في السياسة الخارجية لدولة الإمارات مع التأكيد على الدبلوماسية والشراكات مع الصين وروسيا لمواجهة التهديدات الإقليمية من إيران. وقد يعكس هذا النهج الاعتراف بتراجع نفوذ الولايات المتحدة في بيئة جيوسياسية متعددة الأقطاب واستراتيجية لتأمين التزامات أمريكية أقوى.
تحديات دول مجلس التعاون الخليجي
واجهت دول مجلس التعاون الخليجي تحديات في إنشاء هياكل عسكرية مشتركة فعالة والاتفاق على رؤية مشتركة فيما يتعلق بالتهديدات والتحديات. وتشمل العوامل المساهمة في ذلك الافتقار إلى الثقافة الاستراتيجية المناسبة والقوة العسكرية، والانقسامات والمنافسات الكبيرة داخل دول مجلس التعاون الخليجي، والمخاوف بشأن هيمنة المملكة العربية السعودية، ووجود المصالح الخاصة.
وذكر الموقع أنه رغم إصدار إعلانات مشتركة، إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي ليست كيانًا موحدًا، ومن المرجح أن يكون للعملية العسكرية المشتركة في حالة نشوب نزاع قيمة محدودة. ويركز صناع القرار في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل أساسي على الكمية والتقدم التكنولوجي لمعداتهم العسكرية بدلاً من قدرتهم على استخدامها بفعالية. ونتيجة لذلك، يُنظر إلى أمن هذه البلدان على أنه هشّ ذلك أن “القيمة القتالية الفعلية والفعالية والقدرة على التعاون في الحرب لا تزال دون حل”.
رغم النفقات العسكرية الضخمة، اعتمدت دول مجلس التعاون الخليجي بشكل كبير على الدول الغربية لتوفير الحماية العسكرية والأمن. لكن تصور الولايات المتحدة كضامن أمني غير موثوق به دفع دول الخليج إلى السعي لتوثيق العلاقات مع القوى الكبرى مثل الصين وروسيا. كما عززوا الجهود الدبلوماسية لمواجهة التهديد المتصور من إيران. وبالتالي، فإن إمكانية التعاون الأمني بين إيران ودول الخليج ليست واردة بالكامل.
وبالنظر إلى أن الدول المعنية لم تنكر خطة إنشاء قوة بحرية مشتركة، يمكن الاستنتاج أن المناقشات قد جرت بشأن هذه المسألة. ومع ذلك، قد يكون التركيز أكثر على العمل المشترك أو التخطيط بدلاً من تشكيل تحالف بحري رسمي.
وأوضح الموقع أن بيان قائد البحرية الإيرانية بشأن المناورات البحرية المشتركة السابقة بين إيران وسلطنة عمان، وكذلك الاهتمام الذي أبدته السعودية والإمارات وقطر والبحرين والعراق ودول أخرى بالتعاون البحري مع إيران، يمكن أن يشير إلى خطط إيران لإجراء تدريبات مشتركة في خليج أو بحر عمان، على غرار تدريباتهم السنوية مع الصين وروسيا في المحيط الهندي.
تغيّر مسار العلاقات
بينما لن تكون التدريبات البحرية الإيرانية العربية المشتركة أكثر من مجرد رسائل، فإنها ستكون مؤشرًا على أن إيران ودول الخليج تبذل جهودا لتغيير مسار العلاقات بينها. وعلى الرغم من أن تفاصيل هذا المشروع لم يتم الكشف عنها بعد، إلا أنه يشير إلى وجود تحول جيوسياسي مهم في الشرق الأوسط.
أوضح الموقع أن كلا من الرياض وطهران يبحثان عن خيارات جديدة لإدارة المعادلات الإقليمية، ولم تعد دول الخليج تنظر إلى واشنطن على أنها ضامن أمني ومعالج للمشاكل الإقليمية. ويشمل ذلك خطط الشراكة الاقتصادية الصينية في المنطقة. ويبدو أن تعهّد واشنطن بإنشاء تحالف من الديمقراطيات ضد الأنظمة الاستبدادية في أعقاب الحرب في أوكرانيا قد أثار غضب بعض دول الخليج العربية.
فرقة العمل المشتركة 154
بينما يتم اتخاذ خطوات نحو التطبيع بين إيران ودول الخليج، بدأت البحرية الأمريكية التي تجري عمليات في الخليج العربي لسنوات كوسيلة لممارسة الضغط على إيران جهودًا لإنشاء قوة عمل دائمة في المنطقة. في 22 أيار/ مايو، أعلنت القوات البحرية المشتركة المتمركزة في البحرين، التي أنشأتها البحرية الأمريكية باعتبارها “شراكة أمنية متعددة الجنسيات”، عن إنشاء فرقة عمل مشتركة جديدة ضمن هيكلها.
وستركز هذه الفرقة المشكلة حديثًا، التي تحمل اسم “فرقة العمل المشتركة 154″، على الشرق الأوسط وعلى تدريب القوات البحرية الحليفة وتعزيز القدرات التشغيلية داخل المنطقة الممتدة من الخليج إلى قناة السويس. ومن خلال القيام بذلك، تهدف الولايات المتحدة إلى ثني دول الخليج عن التعاون مع إيران والإبقاء عليها بدلاً من ذلك في إطار مفهوم الدفاع الأطلسي.
المصدر: موقع عربي 21