ما السيناريوهات المتوقّعة لجلسة الأربعاء الانتخابية؟

Spread the love
image_pdfimage_print

كيف ستكون نهاية جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقرّرة في 14 حزيران المقبل؟ هل ستحمل رئيسًا الى قصر بعبدا؟ ما السيناريوهات المتوقعة لها؟. أسئلة كثيرة تُطرح على بعد أيام من الجلسة الانتخابية مع إيمان واضح لدى كثيرين بأنّ نتيجة الجلسة لن تكون سوى إضافة رقم جديد الى عداد الجلسات التي عُقدت سابقًا. يستبعد كثر من الفاعلين على خط الاتصالات الرئاسية أن تُنتج الجلسة رئيسًا اللهم الا اذا حملت “مفاجأة” غير متوقعة في ربع الساعة الأخير، وهذا أبرز ما يميّز السياسة اللبنانية، فعلى مدى عقود مضت خبِرنا أنّ ما هو مستبعد اليوم قد يُصبح واقعًا غدًا والعكس صحيح. كل شيء في السياسة جائز طالما أنّ كلمة السر الخارجية تفعل فعلها لدى كثيرين. الاستحقاق الرئاسي إحدى المحطات السياسية الرئيسية التي لطالما خضعت لموجات من المدّ والجزر قبل أن يسلك المسار الانتخابي الطريق الطبيعية التي من المفترض أن يسلكها.   

الحال المذكور نعيشه اليوم على وقع الفراغ الرئاسي المستمر منذ 31 تشرين الأول 2022، أي منذ انتهاء عهد رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون. أكثر من ثمانية أشهر لم تتمكّن فيها القوى السياسية اللبنانية من إيصال رئيس الى قصر بعبدا. أكثر من 10 جلسات انتخابية عُقدت بلا نتيجة. ولمن لا يعلم، فقد حدّد الدستور اللبناني ــ في المادة 49 منه ــ إجراءات انتخاب الرئيس الجديد من قبل مجلس النواب بأعضائه البالغ عددهم 128 عضوًا. الانتخاب يكون بالاقتراع السري بأغلبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى أي 86 من أصل 128 نائبًا. أما في الدورة الثانية فيجري الاكتفاء بالغالبية المطلقة أي 65 نائبًا. 

لدى سؤال مصادر فاعلة على خط الاتصالات عن مصير جلسة الأربعاء تُسارع الى القول “خروج البعض عن التفاهم الفرنسي يضع لبنان في مهبّ الريح”. برأيها، ثمّة سيناريوهات لا تُحمد عقباها بانتظار الساحة اللبنانية في حال جرى نعي هذا الاتفاق. لكنها في المقابل تعوّل على التحرك الفرنسي القديم-الجديد وما سيحمله وزير الخارجية الفرنسي السابق جان إيف لودريان الى لبنان، سائلةً :”هل سينضم السعوديون الى الموقف الفرنسي لنشهد انفراجة رئاسية أم سيتعقّد المشهد أكثر فأكثر؟!”.

بزي: ثلاثة خيارات محتملة 

المحلّل السياسي الدكتور وسيم بزي يرسم في حديث لموقع “العهد” الإخباري ثلاثة سيناريوهات واحتمالات لجلسة الأربعاء: 

1- تأمين النصاب لانعقاد الدورة الأولى للانتخاب. تلك الدورة ستكون بمثابة إظهار لموازين القوى والتوازنات، يُعوّل على أرقامها في السياسة دون انتخاب رئيس، على أن تحدّد هذه الدورة مصير الدورة الثانية لجهة تطيير النصاب من عدمه مع أرجحية فقدان النصاب. وفي هذه الدورة لا يُرجّح أن يحصل المرشحان أزعور وفرنجية على أرقام وازنة. الأرقام ستتراوح بين حصول النائبَين على 53 الى 55 صوتًا وسط عدم حسم المتردّدين ــ البالغ عددهم حوالى 18 نائبًا ــ لموقفهم حتى الساعة. وهنا يستبعد بزي الوصول الى رقم الـ65 نائبًا لأي منهما. وفي هذا السياق، يوضح أنّ حزب الله وحركة “أمل” يخوضان غمار هذه المواجهة بقوة دفع وإيمان كبيرين و”تكتيك” لا يزال سرّيًا قد تنتج عنه مفاجأة كبيرة. 

2- تطيير النصاب من الدورة الأولى بمعنى أن لا يلتئم النصاب نهائيًا وبالتالي كل ما يجري يبقى في إطار “الصخب” ودون نتائج حقيقية. 

3- حصول مفاجأة كبيرة عبر انعقاد دورتين أولى وثانية تؤديان الى انتخاب رئيس، وهذا احتمال يكاد يكون صفريًا أي بلا حظوظ. 

ثلاثة تطورات ترسم خريطة المشهد 

يلفت بزي الى أنّ ثمّة ثلاثة تطورات كبيرة حصلت خلال الـ24 ساعة الماضية قد ترسم خريطة الطريق لمشهد الأربعاء. التطور الأول تمثل بإعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري “أننا رشّحنا فرنجية لنصوّت له”. التطور الثاني تمثل ببيان كتلة الوفاء للمقاومة الذي أكّدت فيه أنها ستقترح للمرشح الذي دعمته. التطور الثالث تمثل بإعلان “اللقاء الديمقراطي” في بيان مكتوب دعمه لخيار أزعور دون أن يؤكّد  في المضمون اذا كان سيقترع له أم لا. برأي بزي، من الآن حتى الأربعاء سنكون أمام أيام تبدو فيها وتيرة الحركة سريعة جدًا والاصطفافات يُغلفها الكثير من الإرباك وعدم الوضوح. 

يوضح بزي أنّ ثمّة 18 نائبًا في عداد المتردّدين ما بين خيار فرنجية وأزعور والورقة البيضاء. العمل على هؤلاء النواب سيكون حاسمًا لجهة تظهير المشهد. جزء من هؤلاء النواب ينتمي الى الكتل السنية الأساسية، جزء ينتمي الى “التغييريين”، إضافة الى النواب الثلاثة (شربل مسعد، عبد الرحمن البزري، وأسامة سعد)، النائبان عماد الحوت ونبيل بدر، علمًا أن نواب عكار الستة يُفترض أنهم يتأرجحون بين فرنجية والورقة البيضاء، يضيف بزي. 

ويشدّد المتحدث على أنّ مشهد الرئاسة أثبت أنّ العامل الخارجي مؤثر جدًا على العامل الداخلي. وفق قناعاته، يُعطي النائب السابق وليد جنبلاط الاعتبار الوحيد للموقف السعودي. وبحسب بزي، صحيح أنّ السعودية تهمس أنها على مسافة واحدة من كل الأطراف وأنها لم تتدخل، وهذا ما عبّر عنه السفير السعودي في موسكو لنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لكنّ هذا لا يعني أن  المنطق الحاقد على فرنجية مدفوع من قوى خارجية أساسية منها قطر والسعودية وأميركا. وهنا يسأل بزي:” هل هذا المسار يهدف لمعادلة الأزعور بفرنجية والذهاب الى الخيار الأميركي المفضّل والمتمثل بقائد الجيش جوزيف عون؟ أم أن تغطية أزعور بتعليق عمله في صندوق النقد يُثبت أن هناك إرادة دولية تقودها أميركا هي التي تزكّي جهاد أزعور وتدفع به مرشحًا منذ أكثر من سنة؟. 

وفيما يشير بزي الى مجيء لودريان الى لبنان، يؤكّد أنّ الحل الفرنسي لا يزال  قائمًا وأنّ أي كلام عن استبعاده يجافي الحقيقة. ويذكّر بجوهر هذا التفاهم القائم على أن هناك فريقًا أساسيًا اسمه حزب الله يجب أن تعبر الرئاسة من خلاله حتى تصل الى شاطئ الأمان، مع الإشارة الى أنّ الجانب الفرنسي اتكأ على تفويض أميركي يبدو أنه تراجع الى حد كبير، وعلى إيجابية سعودية لم تصل الى خواتيمها حتى الآن. 

وفي الختام، يشدّد بزي على أنّ من يريد فعلًا أن يُخرج لبنان من محنته عليه أن يُراهن على التوافق، ويبدو موقف حزب الله وحركة “أمل” في هذا الإطار، وإلا فنحن أمام أزمة رئاسية طويلة ستطيح بموعد حاكمية مصرف لبنان وتجعل لبنان أمام سيناريوهات خطيرة. تمامًا كما أنها قد تطيح بموعد انتخاب قائد جديد للجيش أواخر العام القادم وسط شغور منصب رئيس الأركان. حينها ستفقد الولايات المتحدة الأميركية ــ وفق بزي ــ سطوتها على لبنان ليتقدّم احتمال المؤتمر التأسيسي كثيرًا على مخرج الانتخابات، يختم بزي.  
 

فاطمة سلامة – موقع العهد